recent
أخبار ساخنة

رؤساء مصر ومخزونهم الثقافي

عزت عبد العزيز حجازي
الصفحة الرئيسية



o     نعرف الرئيس (مبارك) قارئاً أو كاتباً أو مشغولاً بالقضايا الإبداعية؛ وكل ما كتبه في حياته لا يزيد عن التأشيرات التي إضطر لكتابتها بحكم مواقعه الوظيفية؛ في الجيش والقوات الجوية؛ ثم رئاسة الجمهورية؛ وعندما تولى الحكم لم يعجبه من الكتاب سوى (سمير رجب) الذي كان يكتب إفتتاحيات صحفه؛ ومجلاته الصادرة عن (دار التحرير) وبعيداً عن ضعف وبساطة وهشاشة (سمير رجب) وعدم إعتماده كاتباً من ذوي الأساليب؛ فإن هذا الإعجاب الذي أبداه الرئيس بهذا الكاتب الحكومي يكشف عن عدم قدرة الرئيس (مبارك) على (الفرز)؛ لهذا فإن(مبارك) يكره حرية الصحافة؛ وفي عهده دخل صحفيون السجون بسبب مقالات كتبوها؛ حتى اللقاء السنوي الذي يحضره الكتاب؛ تحول إلى فرصة ليقول الرئيس ما يريد قوله؛ فلا حوار ولا منافشة؛ ولا إهتمام بأي نوع من أنواع الفنون؛ وهذا يعني فقر خيال (رأس السلطة).

.. وها نحن ندفع ثمن هذا الفقر؛ فالرئيس المصري الحالي واحد من أعداء الكتابة والقراءة؛ وهو مشغول بمشاهدة التليفزيون والإتصال بالمذيعات والمذيعين ومنحهم شهادات التقدير إعجاباً بأدائهم على الشاشة. أما الكُتاب الذين حصلوا في عهده على شهادات وجوائز من الدولة؛ إكتفى بمصافحتهم وتسليمهم الجائزة دون كلام أو حتى مناقشة في (الأدب) الذي يكتبونه.

.. ومثل هذا الرئيس الذي لا يقرأ يقع فريسة سهلة لألاعيب (الدكاترة) الذين يعملون معه ضمن طاقم مكتبه؛ والشعوب التي يبتليها الله برؤساء لا يقرأون ولا يكتبون يدفعون الثمن؛ فتتحول الدولة –من أقصاها إلى أقصاها- إلى (قشلاق) محكوم بقوانين العسكرية الصارمة.. وقد كان الرئيس (جمال عبد الناصر) و(السادات) يعشقان القراءة في سنوات شبابهما؛ ولهما كتابات أو محاولات أدبية؛ وكذلك اللواء (محمد نجيب) كتب مقالات مهمة في صحف زمانه ونشر كتاباً هاماً منها عن السودان بعنوان (رسالة عن السودان) ننشر فصلاً منه ويتعلق بجوهر العلاقة بين الشعبين المصري والسوداني؛ والمقال يعكس عمق الوعي الذي تمتع به الرئيس (نجيب)!.

.. والكتابة –في حد ذاتها- تعطي الرئيس المسئول عن أرزاق وأرواح الملايين سعة في الأفق؛ قيلين ويرق ويناقش ويراجع نفسه ولا يصر على أخطائه؛ ولا يعاند الشعب؛ ولا يقبل بوجود الفاسدين حوله؛ ولا يمنحهم المواقع المؤثرة؛ على حياة الناس.

.. وكثير من الجفاف والغلظة التي يتسم بها النظام الحاكم في مصر سببه أن رموزه لا تقرأ؛ وعدم قراءتها أو تمتعها بالقدرة على الكتابة جعلها رموزاً عنيدة تعاند ولا تناقش؛ تطبق نظرية في الحكم تقوم على تنفيذ الأوامر لا المناقشة الديمقراطية.

 من كتابي القادم "جبروت الطاغية وطغيان الحاشية".

 


author-img
عزت عبد العزيز حجازي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent