recent
أخبار ساخنة

قطة بلا محالب

عزت عبد العزيز جازي
الصفحة الرئيسية


ممسزفة القد؛ بيضاء؛ رشيقة؛ رائعة التكوين؛ ومضة بريق؛ توقظ في عينيه الغاشيتين إحتفاءاً بإمرأة؛ لها سحر الغواية؛ فتنة الجمال.

بدا في انجذابه نحوها؛ كمسمار ممغنط؛ يلتصق برقيقة معدن ملساء؛ تستملح منه لعبة الجذب والشد؛ مع أول يوم عمل تحت إدارته لمحل الأحذية؛ القابع بالشارع الخلفي الخالي من الزحام.

تحتفي المرأة الجميلة بكل ركن؛ بكل جدار؛ من المحل المعجون بالأرفف الخشبية؛ والكراتين المحشوة بالأحذية من كل الانواع؛ وظلت تهوي كما الملسوعة من تجارب قديمة أو معاشه في انتظار فرصة البوح بها الإستماع في فترات الراحة لشرائط الكاسيت ذات الإيقاع الفلكلوري؛ الشجي.

 تبدي فيضاً من مشاعر؛ يلوح تورد من خلال شحوب وجنتيها؛ تشجعه على الإقتراب الحثيث؛ ربت مشاعرها الدفينة؛ إلتصاق مقعده بمقعدها؛ تحسس فخذيها وراء الطاولة المموهة بالخلفية الفاميه؛ لفاترينة العرض الزجاجية كرنفالية التكوين؛ تفتح له أول خزائن أسرارها: خلعته؛ تاركة له الجمل بما حمل؛ بعد ان اعياني اصلاح حالة المعوج؛ قدرته الشيطانية على الفكاك  من دوائر نصحي له  إلى بؤرة خموله وخجله؛ وامتناعه عن اللجوء الى أحد الأطباء؛ يستهويه خضوعي المذل؛ كدي؛ حاجتى الملحة دوما للستر والأمان؛ أملي البائد في العودة الى اهلي بدينى الجديد؛ ورجلى المختار. وكقطة مبلولة بلا مخالب؛ تسكب دموعها؛ مخلوطة بعبيرعطرها الرخيص من الشند والقرنفل؛ تحتمي بسياج دفء أنامله العابثة؛ ربته المدغدغ لحواسها الفائرة؛ تاركة له فرصة التقاط أنفاسها اللاهبة من توهة السرد الحزين؛ يهمس لها: أرجوكي؛ أكملي قصتك.

تردف في نبرة رقيقة: إنفصلت عنه بمعجزة إنفصال الغريق الي ضمه شطوطه؛ ولم أتردد فى إبرأء ذمته من كافة حقوقي؛ ومن حين لحين أذهب لرؤية ابنائي الثلاثة عند جارة صديقة.

 ترين سحابة صمت قصيرة؛ ثم: واين تقيمين؟.

-عند سمسار اراضي؛ فى غرفة علي سطح منزله؛ ترعاني زوجته وبناته الخمس.

-ومن دلك على العمل لدينا؟.

-صديق قديم؛ له صله بصاحب المحل؛ قهوجي  يدير مقهى والده.

 مع تعاقب الأيام؛ وتوقف لعبة نزف الأسئلة والأجوبة؛ يعتاد أمام حوض المياه بركن المخزن المعتم؛ ضمها إلى صدره ضماً وثيقاً؛ طابعً على شفتيها قبلاته النهمه؛ يطبق عليها بقوة ترهقها؛ كلما تصاعدت منها امارات الخلاص على نحو أكثر وضوحاً؛ تريد انفلاتة مدربة؛ لا تتح له قنص المزيد.

لكَم دنا؛ لكَم اتحد؛ لكم أغدق عليها من عطفه؛ حنانه؛ رعايته؛ يفاتح والدته فى أمر زواجه منها؛ فتنهره: ماذا يجبرك يا ولدى؛ الزواج بإمرأة باعت أهلها ودينها من أجل رجل؛ أفق؛ إعطف عليها ما شئت؛ أما الزواج فلا؛ حتى وان لم تكلفك عناء تكاليف الزواج من بنت بِكر. ولأن الحجة دامغة؛ والمنطق خال من اعوجاج البيان؛ يغوص فى الصمت؛ يتذكر بأنها تمنحه بلا قيد؛ أو شرط؛ قطرات عسلها المحتوق.

تعتاد؛ وبتحريض محموم؛ وهى تمرر اصابعها الراجفة؛ اللزجة؛ بين خصلات شعره الأسود المخلوط بالبياض:لنتزوج فى غرفتى؛ ولا داعى لإخبار أهلك؛ خاصة وأن شقتكم لن تتسع لنا أيضاً.

مع تكرار تملصه من اى ردٍ؛ وتحت وطأة اشواق عتيدة؛ يدمن الهمس لها على عتبة الباب الخشبى لحجرتها الرطبة؛ المطلة على السطوح العاري؛ الغائص فى العتمة والسكون؛ والمؤدى إلى ظلام بدروم الدرج الحجرى؛ الممتد الى نهر الزقاق المعتم؛ الخالي؛ إلا من نباح كلب؛ أو مواء قط؛ أو قأقأة دجاجة: مالداعى لزواجنا؛ هكذا أفضل.

 

 

author-img
عزت عبد العزيز جازي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent