وقف الحصان مُعجباً بنفسه، يُباهى الحيوان بلجامه وسِرجه، يرفع رأسه للسماء،
ويدوى صهيله فى أجواز الفضاء، فمرَّ به ثور أنكر عليه زهْوَه وسخر من اختياله،
وقال له " لا تصَعّر خدك للناس، ولا
تمش فى الأرض مرحَاً، إن الله لا يحب كل مُختال فخور " فتَميز الحصان من الغيظ، وقال : ما لهذا الخامل ينكر
علىّ عظمتى وبهائى، ولا يخجل أمام قوتى وذكائى !. فمَد الثور شفتيه سُخْرِية وقال
: العظمة لله أيها الذكى ! لا يُقَوَّم الفرد فى هذه الحياة بجماله، وإنما يوزن
بفائدته وأعماله، فقال الحصان : - لقد ختم الله على قلبك، وأعمى بصرك، فلم تقرأ
فائدتى مخطوطة بحروف كبيرة على أعمدة ضخمة، فتؤمن بذكائى، وتعترف بجليل آثارى
" – ألست الذى يظهر على المسرح، فيقوم بأعمال تدهش الحاضرين، وتسر المشاهدين،
وأنا الذى يجتمع إلى الناس من بدْو وحضر، ويفِد علىَّ وزراء الدولة ووجهاؤها
بالأسكندرية صيفاً، وبالقاهرة شتاء، يتراهنون علىّ، فأطير فى الميدان، وأحرز قصب
السبق، وأفوز بالرهان، وأنال جائزة تشيد بذكرى، وترفع قدرى !
فقال الثور : - لا يزال الغرور يملأ صدرك،
ويحرك ذيلك – وأى فائدة للعالم من سبقك وتمثيلك !!
فقال الحصان : - لحى الله هذا الزمان، الذى
وقف فيه الثور يفاخر الحصان. ألم يسمع بأن ظهرى هذا هو الذى أوغل بالجندى فى ساحة القتال، فخضت به غمرة المعارك، وزججته فى معمعة المهالك، حتى حاز
النصر، ورجع بالفخر، ألم يدُرْ بخلده أنى أطير بالصياد فى جوف الصحراء، فلا أعود
أو يقتنص الظباء ؟ ألم يعلم أنى ذلك الجواد المُطَهَّم ، والغمر النَّهْد، الذى يجر المراكب التى تسير بالناس
لقضاء أعمالهم ؟
× ولولا ما فىَّ من زينة، ووقار،
وأبَّهة وفخار، لما إختارنى جلالة المليك،
فى الإحتفالات العامة، للسير
بمركبه
أمام موكبه. ولولا أنى عظيم الشأن، لما بدأ بذكرى القرآن، فقال : - ( والخيل
والبغال والحمير
لتركبوها وزينة ). تلك مزاياى التى لم تأبه لها،
فأين مالك من فضل ؟ ×
فقال الثور : - موعدنا غداً – وإن غداً
لناظره ريب – فأريك مكانتى، وأبرهن على عظمتى.×
× ×
يباهى : يفاخر الزهو : الكبر والفخر صعر خده
: أماله عن النظر، تهاوناً من كبر تميز من الغيظ : تقطع أوغل : ذهب وأبعد الغمرة
: الزحمة المطهم : البارع الجمال الغمر والنهد : الفرس الحسن،الجميل الجسم
اللحيم ( 9)الأبهة: العظمة والبهجة والكبر
ينهد : ينهض × يخور : يصيح
خامره : خالطه القبع : صوت يردده الحصان من منخره إلى حلقه إذا
نفر من شىء أو كرهه
لا تمارى : لا
تجادل السعفة : قروح قحلة يابسة أو رطبة
يسيل منها الصديد
السرطان : ورم
صلب النير : الخشبة المعرضة على عنق
الثورين ( الناف )
سمات : علامات أفلح : أشق تنسل : تلد كثيرا
بهت : دهش وتحير